تحقيق : مايسة السلكاوي
الاشعة فوق البنفسجية تقوم بكل العمل داخل محطات تنقية المياه فى معظم الدول الان . هل تدخل التجربة بلادنا ؟
في بلادنا قضايا تتفجر بالخطر.. والأمر الذي يثير العجب أن الحلول دائما موجوده.. والدراسات أيضا موجوده.. والاعتمادات كذلك موجوده.. ولكن التنفيذ غير موجود! وتضيع القضايا في غياهب التنفيذ عندما تتوه المسئولية وتصبح المشاكل أبدية تقبع فوق صدورنا في إنتظار مزيد من الدراسات ومزيد من الأماني.. ومزيد من الانتظار! وجود الكلور في مياه الشرب كان المقصود منه تطهير المياه من الملوثات.. ولكن مراكز البحث العلمي العالمية اكدت أخيرا ان الكلور له أخطار مدمرة علي صحة الانسان أقلها إصابته بأمراض تصلب الشرايين وبعض انواع السرطانات والفشل الكلوي.
وامام هذا الخطر المدمر بدأت المراكز الصحية في العالم تعلن عن استخدام وسائل جديدة في تطهير مياه الشرب بعيدا عن الكلور بكل أخطاره. بعض الدول تستخدم الآن الاوزون في تطهير المياه.. ولكن هناك عددا كبيرا من الدول بدأت تستخدم وسيلة جديدة اسمها الاشعة فوق البنفسجية في تعقيم مياه الشرب ومعالجة الصرف الصحي. وفي بلادنا بدأت التجربة تأخذ شكلا جادا في استخدام الأشعة فوق البنفسجية في التعقيم تحت مسمي نظام الالترافيولت.
* والتساؤلات الآن:
هل تنقذ الالترافيولت المواطن المصري من خطر تلوث المياه, فان استخدام الاشعة فوق البنفسجية في تعقيم مياه الشرب ومعالجة الصرف الصحي تجربة حديثة تنفذ لأول مرة في مصر في أربع محطات لمياه الشرب والصرف الصحي, فهل تحقق تلك التجربة الحفاظ علي صحة المواطن من أخطار الفشل الكلوي وغيره من الأمراض التي اصبحت تهددنا جميعا!!
يري المسئول الأول عن مياه الشرب والصرف الصحي الدكتور محمد ابراهيم سليمان وزير الاسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية ان استخدام الأشعة فوق البنفسجية الالترافيولت كأحدث النظم العالمية لتعقيم مياه الشرب ومعالجة مياه الصرف الصحي هو الوسيلة الأقل تكلفة والأسهل استخداما والأكثر أمانا عن غيرها من الأنظمة الاخري حتي الآن.
فمن حيث التكلفة يقول وزير الاسكان ان التكلفة تقل بنسبة25% في تنفيذ الاعمال المدنية والميكانيكية والكهربائية للمحطات التي تصل طاقتها حتي500 الف متر مكعب يوميا ويحقق كفاءة أعلي بنسبة10% للتخلص من البكتريا ويحتاج لمساحة أقل للتخزين بالاضافة الي سهولة تركيب معداته بنسبة70% نظرا لان المعدات أقل والصيانة اسهل وكذلك تكلفة التشغيل عبارة عن مصدر كهرباء فقط لتشغيل اللمبات الكهربائية المستخدمة في النظام الجديد.
ويشير الدكتور ابراهيم سليمان الي ان التجربة ستبدأ بتطوير محطتين لمياه الشرب بالعامرية والزقازيق ومحطتين للصرف الصحي بمدينتي6 اكتوبر والعاشر من رمضان وذلك كمرحلة أولي يتم بعدها تقويم التجربة لتعميمها علي باقي المحطات تباعا, ويتم ذلك بالتعاون مع الهيئة العربية للتصنيع ومصانع الانتاج الحربي لتصنيع اللمبات المستخدمة في هذا النظام.
ويقول المهندس الشافعي الدكروري رئيس الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي ان تعقيم المياه ضروري ويتم بواسطة عدة أنظمة معتمدة من منظمة الصحة العالمية ومن وزارة الصحة عندنا طبقا لمواصفات دقيقة يتم تطبيقها بكل حذر لأنها تتعلق بصحة المواطن المصري.. ومن ضمن الانظمة المعتمدة الكلور الذي يقضي علي البكتريا والميكروبات ويتم حسابها بدقة عن طريق المعامل الموجودة بالمحطات والكيماويين الذين يقومون بتحليل عينة المياه الداخلة الي المحطة من المأخذ ويتم حقن جرعات داخل المحطة وجرعات اخري في نهايات الشبكات ليستمر تعقيم المياه بالحدود المسموح بها في المواصفات.
ويوضح المهندس الشافعي ان هناك طرقا اخري للتعقيم منها استخدام الاشعة فوق البنفسجية وهي الالترافيولت وهي مستخدمة في معظم دول العالم ولكن داخل المحطات فقط ويتم حسابها بدقة وبصورة مبسطة.
الالترافيولت
اما عن نظام الالترافيولت فيقول المهندس الشافعي انه عبارة عن مجموعة من اللمبات تشبه لحد كبير لمبات النيون يتم توجيهها بحسابات معينة الي تيار المياه المار امامها للقضاء علي البكتريا بشرط ان تكون هذه المياه غير معكرة لدرجة محددة أي شفافة تقريبا وشبه خالية من العكارة حتي درجة معينة.
بدأ استخدام الالترافيولت في البداية في تعقيم ادوات الجراحة والمعدات الدقيقة وتعقيم المعلبات المحفوظة في أكياس وتوجد هذه الاشعة في الطبيعة ضمن اشعة الشمس ويتم انتاجها صناعيا وبتركيز معين من خلال لمبات.
وتعتمد فكرة عملها علي انها تقضي علي الحمض النووي داخل فيه الميكروب أو البكتريا وتقضي عليها.
وبدأ تنفيذ نظام الالترافيولت بتكاليف عالية في العالم مع تطور الابحاث وصلت التكلفة تقريبا إلي نفس تكلفة التعقيم بالكلور. ولذلك انتشرت فكرة استخدامها لتنوع اساليب التعقيم وعدم الاعتماد علي مصدر واحد لمواجهة اي نقص في غاز الكلور في الأسواق مع مراعاة عدم الاستغناء عن الكلور علي الاطلاق في تعقيم الشبكات التي تستخدم حاليا في جميع العالم لضمان وجود الجرعة القانونية المتبقية للكلور وعدم تلوث مياه الشرب عند اطراف الشبكات. ويضيف رئيس هيئة مياه الشرب والصرف الصحي ان نظام التعقيم بالالترافيولت يتميز بسهولة النقل والتداول عكس ما يتطلبه نقل الكلور من الاحتياطات الامنية الشديدة التي تتخذ اثناء نقله بالاضافة إلي سهولة استخدامه داخل المحطات ورخص تكلفة استهلاك الكهرباء علي مدار عمر المحطة.
ويقول المهندس فتحي قزمان المدير التنفيذي لشركة التعمير والاسكان والمرافق ان تجربة استخدام اسلوب التعقيم بالالترافيولت في محطتين لمياه الشرب بحيث تكون المحطتان عند نهايات ترع لان بها أعلي درجة تلوث ممكنة وتم اختيارهما بالزقازيق والسنبلاوين, كما تم اختيار محطتي صرف صحي تستخدم مياههما الناتجة بعد المعالجة في الزراعة بمدينتي العاشر من رمضان و6 اكتوبر فان المياه المنتجة كبيرة تصل إلي نحو280 الف متر مكعب يمكن ريها بالمياه المعالجة في منطقة الحزام الاخضر.
ويشير المهندس قزمان إلي ان اسلوب تركيب محطات الالترافيولت اسرع واسهل في الصيانة فان قطعة الغيار الوحيدة المستخدمة هي اللمبة بخلاف الكلور ومصدر الكهرباء الذي يحتاجه ذلك النظام اقل بكثير مما يحتاجه الكلور بالاضافة الي الكفاءة الأعلي في التخلص من البكتريا والفيروسات والكائنات الحية الدقيقة.
مراحل التجربة
* ويبقي التساؤل: متي تطبق هذه التكنولوجيا الجديدة بشكل سائد يحقق الأمان في واحد من أخطر مايتعرض له الانسان المصري وهو مياه الشرب ؟
يوضح المهندس فتحي قزمان ان النظام الجديد للتعقيم يستغرف من12 ـ18 شهرا للإنشاء ويتم بعد تركيب المحطة تشكيل لجنة من وزارات الاسكان والصحة والبيئة والزراعة والري لمتابعة تقويم التجربة حيث يتم تكليف أساتذة من كليات الهندسة بحيث تعمل كل كلية منفصلة تجارب التحاليل أسبوعيا وشهريا علي الاربع محطات المختارة ويستمر التقويم علي مدي ستة أشهر علي ان يعد تقرير شامل لتقويم هذه التجربة. ويتم العمل خلال المرحلة الحالية بمعدات مستوردة من الخارج وبعد اقرار التجربة ستكون هناك نسبة كبيرة للتصنيع المحلي.